الأربعاء، 23 نوفمبر 2016

مفاجأة السيسي تصدم الخليج.. وخبراء: دبلوماسية كيد نسا لن تفلح

ساعات من الغموض تخللتها تكهنات عدة حول مشاركة مصر من عدمه في اجتماعات القمة الإفريقية العربية المنعقدة حاليًا في مالابو بغينيا الاستوائية، قطعتها مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسي على رأس الوفد المصري في أعمال القمة الرابعة، المنعقدة لمدة يومين تحت شعار "معًا من أجل التنمية المستدامة والتعاون الاقتصادي".

جاءت المشاركة المصرية رفيعة المستوى مثار جدل على خلفية إعلان 8 دول عربية انسحابها، بعد إصرار الاتحاد الإفريقي والحكومة الغينية على مشاركة وفد الجمهورية العربية الصحراوية، التي أعلنت من طرف واحد عام 1976 في القمة، تأييدًا لموقف المغرب الرافض لهذه المشاركة. 

الغضب العربي تبلورت ملامحه أمس الأربعاء خلال الجلسات التحضيرية لانعقاد القمة العربية الإفريقية الرابعة، بعد أن فوجئت الوفود المشاركة بتخصيص مقعد للجمهورية الصحراوية ضمن أعضاء المؤتمر، ما أثار استنكار وفود ثمان دول في مقدمتهم المغرب.

ورغم محاولات إنهاء الأزمة سريعًا، والتي قامت على أثرها دولًا عربية مثل السعودية والإمارات بالوساطة بين غينيا المنظمة للقمة والمغرب لإثناء الأولى عن استضافة الجمهورية الصحراوية غير المعترف بها عربيًا، لكن تعنت غينيا دفع وفود كلًا من البحرين والسعودية والإمارات وقطر واليمن وسلطنة عمان والصومال والأردن، للانسحاب من أعمال القمة تضامنًا مع الموقف المغربي.

واحتجت المغرب على مشاركة جبهة البوليساريو في اجتماعات أفريقية عربية في العاصمة الغينية، ما أدى إلى تأجيلها إلى موعد لم يحدد، في وقت يواصل العاهل المغربي، الملك محمد السادس، جولته الإفريقية، والتي تشمل دولا وقفت دائما ضد المغرب إلى جانب الجبهة.

وكان من المقرر بدء اجتماعات المجلس المشترك (وزراء الخارجية) للقمة العربية الأفريقية الرابعة، الاثنين الماضي، في عاصمة غينيا الاستوائية ملابو، إلا أن الوفد المغربي اعترض على مشاركة الجمهورية الصحراوية التي أعلنتها جبهة البوليساريو من جانب واحد عام 1977.

وحصلت جبهة البوليساريو وداعموها على عضوية منظمة الوحدة الأفريقية 1982، ما أدى إلى انسحاب المغرب من المنظمة رسميا عام 1984.

تجدر الإشارة إلى أن المغرب تقدم في شهر سبتمبر الماضي، بطلب الالتحاق بالاتحاد الأفريقي، بعد 32 عاما من انسحابه من العمل الأفريقي المؤسساتي الجماعي، ومن المقرر أن تبتّ قمة إفريقية تعقد في يناير المقبل في هذا الطلب.

لكن التمثيل المصري سرعان ما تحول إلى مادة خصبة للتكنهات حول ما إذا كان سيؤدي إلى خلق مزيد من التوترات على صعيد العلاقات من دول الخليج علي وجه التحديد، والتي شهدت في السابق أزمات عدة إثر خلاف في وجهات النظر إزاء قضايا إقليمية بعينها.

وإزاء ذلك، أكد السفير معصوم مرزوق مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، أن تمسك مصر بالمشاركة في أعمال القمة أعطي رسالة إيجابية عكست مدى اهتمامها بالتواجد في المحافل الإفريقية والعربية علي حد سواء، علي عكس الموقف العربي في مجمله والذي بدي متهتكًا وضعيفًا لا تحكمه أية أعراف دبلوماسية، هكذا رأي السفير معصوم مرزوق مساعد وزير الخارجية الأسبق.

وأشار في تصريح لـ"الدستور"، إلى أن ما يصدر عن الوفود العربية في مختلف المحافل الدولية والإقليمية ليس له أي صلة بالأعراف الدبلوماسية وإنما تعتمد تلك الدول علي دبلوماسية كيد النساء والقمص، لم نعهدها من قبل في السياسة الدولية وإنما تمارس فقط في الدول العربية.

وحذر الدبلوماسي السابق من خطورة استمرار الصراعات البينية العربية علي نحو جعل صورة العرب عموما أمام العالم وإفريقيا صورة غير لائقة، إلى حد يهدد استمرار التعاون الإفريقي العربي بعد أن اضحي الأفارقة على وشط أن يفقدوا اهتمامهم بهذا الإطار من التعاون خاصة وان لديهم تنظيم إقليمي محكم ومتطور بما يتفوق علي الجامعة العربية التي أنشأت قبله بربع قرن.

وشدد على انسحاب المغرب من المحافل الدولية التي تشارك بها الجمهورية الصحراوية يفقدها قضيتها ويفرض عليها عزلة دولية، لاسيما وان الغالبية العظمي من دول القارة الإفريقية اتعرفت بالجمهورية الصحراوية وباتت المقاطعة والانسحاب ليست ذات جدوى، مضيفا أن المغرب عليها أن تستعدي مقعدها في المنظمة الإفريقية وتحاول ايحاد حل سياسي لأزمتها مع الجمهورية الصحراوية في إطار الأمم المتحدة.

واتفق معه السفير حسين هريدي مساعد وزير الخارجية الأسبق، مؤكدًا أن مشاركة الرئيس المصري في أعمال القمة العربية الإفريقية الرابعة دليل جديد علي التزام مصر منذ تاريخ انطلاق أول قمة مشتركة في مارس من العام 1977، باعتبارها تؤمن إيمانًا راسخًا بأهمية التعاون بين العالمين العربي والإفريقي وكانت دائما تدفع في المحافل الدولية والإفريقية للسير في هذا الاتجاه.

ولفت هريدي، في تصريحات خاصة، إلى أن موقف الاتحاد الإفريقي من الجمهورية الصحراوية أمر معروف ومسجل وغير مفهوم الدوافع من وراء اعتراض المغرب وعلى أثره انسحب الدول العربية في تصرف مؤسف، خاصة أن المغرب هي التي طلبت استعادة عضويتها في الاتحاد العام الجاري وهي تعلم جيدًا موقفه من الجمهورية.

وشدد على أن الانسحابات العربية قرار يخص الدول التي اتخذته وحدها وبالتالي هي التي تتحمل تبعاته، دون أن يؤثر ذلك علي إيمان مصر بأهمية التعاون العربي والإفريقي، لاسيما وأن مصر من وضعت اللبنة الأولي للتعاون العربي الإفريقي بعد أن استضافت علي إثرها القمة العربية الإفريقية الأولى في القاهرة في مارس من العام 1977 وتولي رئاستها الرئيس الراحل أنور السادات.
الدستور