السبت، 12 نوفمبر 2016


إساءة إلى السيسى
بقلم/ فهمي هويدي
هل يصح أن يقال إن الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب صرح بأن الرئيس السيسى يعد مثلا أعلى له، بعدما قدمه من أجل مصر وحربها ضد الإرهاب؟ السؤال ليس افتراضيا ولا أعرف مدى صحة المعلومة، لكن هذه الشهادة وردت على لسان أحد أعضاء مجلس النواب فى سياق حوار بثته قناة «النهار» مساء يوم الأربعاء الماضى ٩/١١، وتناقلته مواقع التواصل الاجتماعى مقرونا بسيل من التعليقات اللاذعة والساخرة.

ما ذكره صاحبنا لم يكن استثناء فى التعليقات التى انطلقت فى الفضاء المصرى منذ أعلنت النتائج. وكان منها ما احتفى بفوز ترامب وأبدى ابتهاجا عبرت عنه صحيفة «الأهرام» الصادرة يوم الخميس، حين أبرزت الخبر على صدر صفحتها الأولى باللون الأحمر، ووضعت إلى جانبه خبرا آخر زف إلينا أن «السيسى أول المهنئين» للرئيس المنتخب. ولم يكن ذلك مقصورا على «الأهرام» وحدها، ولكن البهجة كانت واضحة فيما نشرته أغلب صحف الصباح التى عبرت عن الشماتة فى هزيمة هيلارى كلينتون بدعوى أنها كانت منحازة إلى الإخوان، كما عبرت عن الحفاوة بترامب لأنه ضد الإسلام السياسى ولأن مستشار ترامب صرح بأنه سيعمل على تصنيف الإخوان جماعة إرهابية. ولخص الفكرة الرسم الكاريكاتورى الذى نشرته صحيفة «المصرى اليوم» الذى أظهر الإخوان بعد النتيجة وقد أصبحوا عراة من أى ستر بعد هزيمة السيدة كلينتون.

فرحة اليمين الإسرائيلى جاءت منافسة للبهجة التى عبر عنها الإعلام المصرى. إذ فى الوقت الذى كانت قناة «النهار» تبث الحوار الذى سبق ذكره فإن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو كان يلقى بيانا عبر التليفزيون وجه فيه تهنئة رسمية لترامب، مؤكدا على أنه صديق عزيز وقديم لإسرائيل، ومنوها إلى أن الرجلين سيعملان معا من أجل دفع الأمن والاستقرار والسلام فى المنطقة. فى الوقت ذاته سارع زعيم المستوطنين نفتالى بينيت إلى الإعلان عن أن انتخاب ترامب يعنى انتهاء التعهد بإقامة الدولة الفلسطينية. واعتبر فوزه فرصة عظيمة لإسرائيل للإعلان فورا عن التراجع عن الفكرة. وأضاف أن «هذه هى عقيدة الرئيس المنتخب كما جاء فى برنامجه الانتخابى، وهى بالتأكيد يجب أن تكون طريقنا». ثم لخص كلامه قائلا: بشكل واضح وجاد وبسيط أؤكد بأن عهد الدولة الفلسطينية انتهى. وقال المعلق السياسى فى صحيفة هاآرتس باراك دافيد إنه لابد أن يكون نتنياهو سعيدا، خصوصا أن وثيقة السياسة الرسمية التى نشرها مستشار ترامب قبل أسبوعين تتضمن بنودا يبدو كأنها منسوخة من مواقف نتنياهو، خصوصا فيما تعلق بتعذر قيام الدولة الفلسطينية أو فى الالتزام بنقل العاصمة من تل أبيب إلى القدس.

فى حين اعتبر انتخاب ترامب صدمة لأوروبا فإن المظاهرات الاحتجاجية الغاضبة خرجت فى عدة مدن أمريكية تطالبه بالرحيل، كما تحدثت وكالات الأنباء عن أعداد من الأمريكيين قررت مغادرة البلاد واللجوء إلى كندا، إلا أن الموقف الألمانى كان أشد وضوحا فى التعبير عن الاستياء والحذر إزاء انتخابه. فالمستشارة الألمانية السيدة أنجيلا ميركل عرضت عليه تعاونا مشروطا باحترام القانون والحرية والمساواة. أما نائبها جابريل فقال إن ترامب هو رائد الحركة الاستبدادية والشوفينية الدولية الجديدة، ووزير الخارجية شتاينماير عبر عن أمله ألا يؤدى هذا الفوز إلى تصدعات كبيرة فى السياسة الدولية. ووزيرة الدفاع فون دير لاين اعتبرت فوزه صدمة كبرى، وطالبته بتأكيد التزامه نحو الناتو. أما وزير العدل الألمانى فقد قال إن فوز ترامب لن يكون نهاية العالم حقا، لكن يبدو أنه سيزداد جنونا (من تدوينة للصحفى وليد الشيخ المقيم بألمانيا).

لاتزال الأصداء تتردد قوية فى أنحاء العالم حيث لم يصدق كثيرون أن الولايات المتحدة يمكن أن تنتخب رئيسا سوق نفسه انطلاقا من موقفين أحدهما كراهية الآخرين والمسلمون على رأسهم (دعا إلى منعهم من دخول الولايات المتحدة) والانحياز المطلق لإسرائيل. لذلك أزعم أن الادعاء بأن الرجل يعتبر السيسى مثلا أعلى له فيه إساءة للرئيس المصرى وتشويه لصورته. أما ملاحظتى الأخيرة فأنقلها عن تدوينة سجلتها الباحثة دينا الخواجة قالت فيها: إن السعادة فى مصر بفوز ترامب أصبحت تعنى أن ما يربطنا ليس حب الوطن أو مشروع التقدم أو الإصلاح السياسى، وإنما مجرد كراهية الإخوان ومن لف لفهم.